الجمعة، 15 أغسطس 2014

التنشئة السياسية للطفل(4)

توجد مصادر أخرى بجانب الأسرة تمد الطفل بالمعلومات،والأفكار،والإتجاهات ذات الطابع السياسى.
المدرسة :
نعنى هنا المدرسة بما تشمله من نظام تعليمى ، ومحتوى المناهج ، واتجاهات القائمين بالعملية التربوية من المعلمين ، والأنشطة التى تمارس داخل المدرسة كمناقشة القضايا و التدرب على اتخاذ القرار، وفى حالة كون الوالدين لا يعرفون القراءة والكتابة يرتفع دور المدرسة فى إمداد الطفل بالثقافة السياسية اللازمة ؛ فعلاقة الطفل بالمدرسة كعلاقته بالأسرة يحكمها مبدأ "السيطرة والخضوع" حتى وإن كان هناك ديموقراطية فى صنع القرار.
أصدقاء الطفل وزملاؤه :
حسب طبيعة الأصدقاء والزملاء تكن طبيعة دورهم إما دوراً سلبياً أو إيجابياً . فيتفاعل الطفل مع أقرانه الذين يجمعهم تقارب السن أو قرب محل الإقامة أو تقارب المستوى الطبقى أو وحدة المكان الذى يذهبون إليه كالمدرسة أو النادى أو دار العبادة ، وخلال هذا التفاعل يكتسب الطفل قيما جديدة أو يرسخ القيم التى اكتسبها من قبل ؛ فعلاقة الطفل بأقرانه لا يحكمها مبدأ " السيطرة والخضوع" بل تتأسس على قيم الندية والديموقراطية والاحترام المتبادل
 الأحزاب السياسية:
معايشة الطفل لمشاركة أفراد أسرته فى الأنشطة السياسية للحزب من الممكن أن تزيد الشعور بالولاء ، و تدعيم العلاقة بين العامة وبين النخبة السياسية ، كما أنها تزيد من معرفته بالمشكلات المجتمعية ، وأبرز الشخصيات السياسية بالمجتمع وممارستها ونتيجة لذلك يتمكن الطفل من تكوين اتجاه نحو النظام السياسى ويقوم الطفل بتقييم ما يدور حوله من ممارسات سياسية .
وسائل الإعلام:
تتضمن وسائل الإعلام (المرئية ، والمسموعة ، والمقروءة) ، ويزداد دور الإعلام أيضاً عندما يكون الوالدين لا يقرأون ولا يكتبون حيث يساهم الإعلام بشكل كبيرفى إمداد الطفل  بالمفاهيم السياسية . ونقصد هنا بشكل خاص وسائل الإعلام الأكثر جذباً لانتباه الطفل مثل التليفزيون ،والحاسب الآلى ، والإنترنت وغيرها. فالطفل خلال تعرضه لها إلى إشراف ومتابعة من الأب والأم ؛ فالإعلام يبث قيم ، واتجاهات ، وأفكار تتراكم لدى الطفل وتشكل شخصيته ، وهويته ،و ثقافته بشكل عام. وكما أشرنا من قبل فإن الإعلام يمثل أحد مصادر التنشئة السياسية للطفل لذلك فلابد من الانتباه والحذر من أجل تجنب آثاره السلبية .
ونذكر أمثلة للآثار السلبية والأضرار التى قد تسببها وسائل الإعلام للطفل:
-         "أضرار جسدية" : كالتأخر فى النوم ، واعتلال صحة الجسم نتيجة الجلوس فترة طويلة أمام التليفزيون.
-          "أضرار عقلية" : كالخمول الذهنى ، وانقطاع العقل عن التفكير المنطقى .
-         "أضرارنفسية" : تظهر مثلاً فى حالة مشاهدة الطفل لمشاهد مخيفة أو مفزعة بالأفلام ونشرات الأخبار وغيرها قد ينعكس ذلك على أمن الطفل وثقته بنفسه.
-         "أضرارإجتماعية" : كإنغماس الطفل فى تطبيقات وسائل الإعلام كالألعاب ،والأفلام والمواقع الترفيهية فتكون النتيجة هى قلة اختلاطه بالأسرة، والأقارب، والأصحاب مما يقلل فرصته فى اكتساب الخبرات الحياتية .
-         "أضرار تربوية" : كضعف التحصيل الدراسى ، وتقليد الطفل للسلوكيات السلبية التى يمارسها أبطال الفيلم أوالألعاب الكرتونية.




التنشئة السياسية للطفل(3)



مكونات التنشئة السياسية :
1- المكون المعرفى العقلى :
عملية نقل المعلومات السياسية والغير سياسية إلى الطفل فتشكل وعيه السياسى ، وتنمى إدراكه وفهمه وتقييمه للأحداث السياسية. ويلعب التعليم دوراً هاماً فى تنمية الوعى السياسى وبالتالى يكون الطفل الأكثر تعليماً أكثر إلماماً بالمعلومات التى تتصل بالموضوعات السياسية ، وتزداد مع نمو الطفل قدرته على المشاركة فى الأنشطة السياسية واتخاذ القرارات السياسية فى المجتمع مستقبلاً.
2- المكون الوجدانى القيمى:
عملية غرس وتنمية القيم المرغوبة اجتماعياً وسياسياً فى نفوس الأطفال كغرس الشعور بالولاء للوطن وللنظام السياسى ، ويتضمن ذلك غرس دوافع نفسية مستمرة لدى الأفراد نحو التغيير والإنجاز ، وأيضاً غرس دوافع قوية نحو التغيير والإنجاز والإبداع وتنمية الذات
3-المكون المهارى:
عملية غرس وتنمية مهارات عديدة لدى الطفل كمهارة المشاركة السياسية فى الأنشطة السياسية التى تنعقد فى مجتمعه الصغير بالمدرسة ، والمشاركة فى اتخاذ القرار داخل الأسرة ، وهنا تعد تنمية قيمة المشاركة فى العمل الاجتماعى مدخلاً ضرورياً للمشاركة السياسية ، وعلى عكس المشاركة السياسية نجد السلبية السياسية كاللامبالاه ،والشك السياسى فى كل ما يصدر عن الآخرين وعن النظام السياسى من أقوال أو أفعال أو قرارات ، فيفقد الطفل الانتماء والحماس والدافع إلى المشاركة السياسية.


وهنا نستعرض "مراحل إدراك الطفل للسُلطة السياسية " :
1-   مرحلة إدرك السُلطة بشكل سياسى (التسييس)
يدرك الطفل أن هناك سلطة أخرى أعلى من سلطة أسرته ، والمدرسة التى يذهب إليها. فالطفل يجد أبيه يحترم ويتبع تعليمات رجل المرور عند مروره بالطريق العام .
2-   مرحلة إدراك السُلطة بشكل شخصانى (الشخصانية)
ينمو إدراك الطفل فيدرك السُلطة بواسطة شخصيات محددة مثل رئيس الدولة أو ضابط البوليس ؛ فالطفل يعرف السلطة متمثلة فى الشخصيات قبل أن يفهم معنى مصطلح مثل "حكومة" أو "برلمان" لأنها مفاهيم مجردة غير ملموسة فيصعب عليه إدراكها.
3-   مرحلة إدراك السُلطة بشكل مثالى (المثالية)
يصبح لدى الطفل تصورات مثالية عن السلطة بما تتضمنه من شخصيات أو رموز سياسية ؛ حيث ينظر الطفل للسُلطة نظرة ثقة واحترام حيث مثلاُ ضابط البوليس " يجب أن يساعدهم إذا احتاجوا إليه" ، "رجل البوليس لا يفعل الخطأ أبداً" ، "رجل البوليس يعرف أكثر من أى فرد آخر" . كما ينظر إلى الحكومة أنها "تحافظ على الدولة" ، "تبنى المدارس" ، "تكم بالعدل" ، "تدافع عن البلد".
4-   مرحلة إدراك السُلطة كمؤسسات (المؤسساتية)
ينمو إدراك الطفل للسُلطة فينظر إليها من خلال المؤسسات السياسية كالبرلمان ، والحكومة ؛ ففى تلك  المرحلة ترتبط المفاهيم السياسية لدى الطفل بالمؤسسات السياسية ، فالطفل ينقل ما تعلمه وأدركه من مفاهيم حول شخصيات كالرئيس ورجل البوليس إلى المؤسسات السياسية فيحدث لدى الطفل نضجاً سياسياً فيتمكن من الحكم على تلك المؤسسات وتقييم أدائها.

أسرتك والتنشئة السياسية لطفلك (2)

هناك نوعان للتنشئة السياسية يتعرض لهما الطفل :
1-   تنشئة سياسية مباشرة :
تحدث بواسطة نقل القيم والاتجاهات المعلنة نحو الموضوعات السياسية عن طريق المصادرالشائعة والمتعارف عليها بالمجتمع مثل الأسرة ،والمدرسة ،ووسائل الإعلام ،وأصدقاء الطفل و زملائه ، والأحزاب السياسية ؛ فإن سلطة البيت والمدرسة مثلاً تحدد العلاقة بين الطفل والآخرون ، وتتشكل لديه بداية التنشئة السياسية من خلال نمط المعاملة مع السلطة السياسية ؛ فإذا كانت العلاقة تتسم بالديكتاتورية وترفض الآخر فإنها ستساهم في تنمية العُزلة وعدم الإحساس بالمسئولية ، وفقد الثقة بالآخرين. وإذا كانت العلاقة تتسم بالديمقراطية فإنها ستسهم في تنمية القيم الإيجابية والمشاركة والتعاون والانتماء. 
2-   تنشئة سياسية غير مباشرة :
 تحدث بواسطة توعية الأطفال بقيم الثقافة العامة مما قد يؤثر بشكل غير مباشر على إستجابتهم تجاه الموضوعات السياسية فى مرحلة المراهقة والشباب . فالثقافة هى مجموعة من الاتجاهات المشتركة، والقيم، والأهداف، والممارسات التي تميز مؤسسة أو منظمة أو جماعة ما ،فمثلاً الطفل يتعلم الثقافة السياسية بواسطة التقليد أو المحاكاة لمثل أعلى حيث يسمع ، ويُربَى ،ويتعامل ،ويلتقط ،ويختزن أفكار واتجاهات ، وهذا ما يطلق عليه "التقليد الإيجابى"، أما "التقليد السلبى" فهو الذى يحدث برفض الطفل لقيم مُدرسيهِ أو والديه ، وذلك لرغبته في أن يكون شخصية مستقلة.فالدور الذي يلعبه الطفل في الأسرة أو المدرسة قد يعد تدريباً له على أداء الأدوار السياسية حيث يكتسب مهارات مثل التعبير عن الذات ، والقدرة على إدارة الحوار السياسي الفعال.

أما عن "مراحل التنشئة السياسية " كمراحل للنمو الإنسانى ؛ فهى كالآتى:
1-   (مرحلة الطفولة ) يتعدد وفقاً لها انتماء الطفل لثقافة وتاريخ ونظام معين
2-( مرحلة المراهقة) يدرك الفرد هويته ، ويزداد إدراكه للعالم السياسى والأحداث السياسية.
3-   (مرحلة النضج والاعتدال) يشارك فيها الفرد مشاركة فعلية فى الحياة السياسية من خلال  عمليات التصويت ،وتولى المناصب السياسية.

وما يهمنا هنا هو (مرحلة الطفولة) تحديداً طفل المرحلة الابتدائية:
فمنذ مرحلة دخول الطفل عالمه الجديد (المدرسة) ، حيث يتعلم سلوكيات جديدة ، ويتعرض لخبرات أكثر ؛ فإن العبء الأكبر يقع على المدرسة فى هذه المرحلة حيث تقوم به من خلال مناهج المدرسية و العلاقات المدرسية سواء بالمعلمين أو بالزملاء ، فالطفل فى سن العاشرة أو الحادية يصبح لديه قدرة أكبر على استيعاب الأفكار السياسية المجردة غير الملموسة ، ويزيد لديه حب الاستطلاع ، ويتحمس لمعرفة الجديد عن البيئة التى يعيش فيها وعن وطنه والعالم من حوله ، وهذه عوامل تؤهله لعملية التنشئة السياسية.
يدرك الطفل الفرق بين "رئيس الدولة" و"مؤسسة رئاسة الجمهورية" ، فيدرك الرئيس كجزء من النظام الحكومى ، فلا ينظرإلى الرئيس نظرة مثالية وإنما يوجه نظرته المثالية تلك إلى المؤسسات السياسية "الرئاسة" ، ويبدأ فى التقييم وإصدار الأحكام ؛ فالطفل يبدأ فى التطلع إلى القادة السياسيين ، ويحاول معرفة الإتجاهات السياسية والجماعات السياسية ، ويبحث عن المعلومات الأساسية ليفهم البيئة السياسية من حوله ، وقد يسعى للاندماج فى أنشطة إحدى الجماعات أو الأحزاب السياسية.



أسرتك والتنشئة السياسية لطفلك (1)

فاعلية دور الأسرة تكون أكبر فى فى بداية مرحلة الطفولة ، ومع نمو الطفل تفسح المجال لتأثير باقى مصادر التنشئة السياسية. فالأسرة أول نمط للسلطة يعايشه الطفل ، وتؤثر طريقة ممارسة هذه السلطة على قيمه واتجاهاته، حيث يتبنى الطفل بشكل عام اتجاهات الوالدين ، ويدرك العالم من خلال أسرته. الجزء الأكبر من شخصية الفرد السياسية تتحدد داخل الأسرة حيث يكتسب الفرد منذ طفولته المفاهيم السياسية والقيم والمعتقدات السياسية الشائعة فى المجتمع ؛ يتعلم الطفل فى الأسرة كيف يفرق بين الحسن والقبيح ، وبين المرغوب فيه وغير المرغوب فيه ، والحلال والحرام ، كما تحدد له الأسرة المثل العليا التى يتبعها، كما يتعلم الحدود التى ينتهى عندها حقه حتى لا يتعدى على حقوق الغير.
اهتمام الوالدين بالسياسة وحرصهم على مشاهدة الأخبار ومناقشتها و مناقشة الأحداث السياسية مع أطفالهم دون تعصب أو تحيز يزيد من تنشئة الأسرة لأطفالها تنشئة سياسية جيدة ،كما أن "الحماية الزائدة" من الوالدين لأطفالهم لها علاقة بشعورعدم الرضا وانعدام الثقة السياسية لدى الطفل ؛فأسلوب الحماية الزائدة يظهر فى العناية المُفرِطة بالطفل، والمبالغة في حمايته، والمحافظة عليه، والخوف عليه، ويتضح ذلك في السماحِ له بكل ما يريده، وتدليلِه بإفراطِ مع منعه الطفل من ممارسة السلوك الاستقلالي وتَحَمُل المسئولية، فينشأ الطفل لديه شعور بعدم الرضا عن السلطة الوالدية فيعمم ذلك الشعور فينعدم لديه الرضا والثقة فى الآخرين وفى السلطة بكافة أشكالها.
ويختلف دور الأسرة فى تنشئة أطفالها سياسياً عندما يكون الوطن فى حالة خطر أو احتلال أجنبى حيث تهتم الأسرة أولاً بالمشاعر الوطنية وتضعها فى مقدمة أهدافها عند تربية أبناءها.وذلك حدث بمصر أثناء الإحتلال الإنجليزى حيث زاد نمو الحركة الوطنية المنادية بالاستقلال ، وأيضاً فى فلسطين المحتلة حيث أخرجت الأسرة الفلسطينية جيلاً أقوى فجر الانتفاضة الفلسطينية رغم قيام السلطة الإسرائيلية بتزييف كل المقررات الدراسية و إزالة كل ما ينمى الانتماء بداخل الطفل. فهناك أسلوبان للتواصل الأسرى :
1-   الأسلوب الديأكتاتورى
حيث تتسم الأسرة بتشجيع الطفل على التكيف و التوافق مع المجتمع وما يستقر عليه أمر الأغلبية  دون التعمق فى الأحداث السياسية .حيث يربى الوالدين طفلهم على عدم المناقشة والجدال معهم ، وأن يتجنب المشكلات ، ولا يعترض أو يغضب من موقف الجماعة، مثلاُ إذا كان الأب سلطوى سيتطبع الطفل بقيم السلبية والأنانية والخضوع، وسيدرك الطفل أن عليه تجنب أى صراع أو مشكلة. إذن هو أسلوب تواصل أسرى يعيق حدوث النمو السياسى للأطفال.
2-   الأسلوب الديموقراطى
حيث تتسم الأسرة بتشجيع الطفل على التفكير فى الأحداث السياسية ومشكلات المجتمع ،فيقيم الوالدين مناقشات أسرية يشترك فيها الأطفال ويعبروا عن وجهات نظرهم وآرائهم حتى وإن لم تتفق مع آراء الوالدين أو غالبية المجتمع ،فمثلاً إذا تميز الأب بالديموقراطية سيتطبع الطفل بقيم الحرية والاهتمام بالآخرين والعزة ، وسيدرك أن الصراع يمكن حله بواسطة الحوار بين الأطراف المختلفة. إذن هو أسلوب تواصل أسرى يساعد على تقوية النمو السياسى للأطفال.