فاعلية دور الأسرة تكون أكبر فى فى بداية مرحلة الطفولة ، ومع نمو الطفل تفسح المجال لتأثير باقى
مصادر التنشئة السياسية. فالأسرة أول نمط للسلطة يعايشه الطفل ، وتؤثر طريقة
ممارسة هذه السلطة على قيمه واتجاهاته، حيث يتبنى الطفل بشكل عام اتجاهات الوالدين
، ويدرك العالم من خلال أسرته. الجزء الأكبر من شخصية الفرد السياسية تتحدد داخل
الأسرة حيث يكتسب الفرد منذ طفولته المفاهيم السياسية والقيم والمعتقدات السياسية
الشائعة فى المجتمع ؛ يتعلم الطفل فى الأسرة كيف يفرق بين الحسن والقبيح ، وبين
المرغوب فيه وغير المرغوب فيه ، والحلال والحرام ، كما تحدد له الأسرة المثل
العليا التى يتبعها، كما يتعلم الحدود التى ينتهى عندها حقه حتى لا يتعدى على حقوق
الغير.
اهتمام الوالدين بالسياسة وحرصهم على مشاهدة الأخبار ومناقشتها و
مناقشة الأحداث السياسية مع أطفالهم دون تعصب أو تحيز يزيد من تنشئة الأسرة
لأطفالها تنشئة سياسية جيدة ،كما أن "الحماية الزائدة" من الوالدين
لأطفالهم لها علاقة بشعورعدم الرضا وانعدام الثقة السياسية لدى الطفل ؛فأسلوب الحماية الزائدة يظهر فى
العناية المُفرِطة بالطفل، والمبالغة في حمايته، والمحافظة عليه، والخوف عليه،
ويتضح ذلك في السماحِ له بكل ما يريده، وتدليلِه بإفراطِ مع منعه الطفل من
ممارسة السلوك الاستقلالي وتَحَمُل المسئولية، فينشأ الطفل لديه شعور بعدم الرضا
عن السلطة الوالدية فيعمم ذلك الشعور فينعدم لديه الرضا والثقة فى الآخرين وفى
السلطة بكافة أشكالها.
ويختلف دور الأسرة فى تنشئة أطفالها سياسياً عندما يكون
الوطن فى حالة خطر أو احتلال أجنبى حيث تهتم الأسرة أولاً بالمشاعر الوطنية
وتضعها فى مقدمة أهدافها عند تربية أبناءها.وذلك حدث بمصر أثناء الإحتلال
الإنجليزى حيث زاد نمو الحركة الوطنية المنادية بالاستقلال ، وأيضاً فى فلسطين
المحتلة حيث أخرجت الأسرة الفلسطينية جيلاً أقوى فجر الانتفاضة الفلسطينية رغم
قيام السلطة الإسرائيلية بتزييف كل المقررات الدراسية و إزالة كل ما ينمى الانتماء
بداخل الطفل. فهناك أسلوبان للتواصل الأسرى :
1-
الأسلوب الديأكتاتورى
حيث تتسم الأسرة بتشجيع الطفل على التكيف و التوافق مع المجتمع وما يستقر
عليه أمر الأغلبية دون التعمق فى الأحداث
السياسية .حيث يربى الوالدين طفلهم على عدم المناقشة والجدال معهم ، وأن يتجنب
المشكلات ، ولا يعترض أو يغضب من موقف الجماعة، مثلاُ إذا كان الأب سلطوى سيتطبع
الطفل بقيم السلبية والأنانية والخضوع، وسيدرك الطفل أن عليه تجنب أى صراع أو
مشكلة. إذن هو أسلوب تواصل أسرى يعيق حدوث النمو السياسى للأطفال.
2-
الأسلوب الديموقراطى
حيث تتسم الأسرة بتشجيع الطفل على التفكير فى الأحداث السياسية ومشكلات المجتمع
،فيقيم الوالدين مناقشات أسرية يشترك فيها الأطفال ويعبروا عن وجهات نظرهم وآرائهم
حتى وإن لم تتفق مع آراء الوالدين أو غالبية المجتمع ،فمثلاً إذا تميز الأب
بالديموقراطية سيتطبع الطفل بقيم الحرية والاهتمام بالآخرين والعزة ، وسيدرك أن
الصراع يمكن حله بواسطة الحوار بين الأطراف المختلفة. إذن هو أسلوب تواصل أسرى
يساعد على تقوية النمو السياسى للأطفال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق